كنت اكره نفسي الى ان وجدت الحل في رحم المعاناة
لم اكن في يوم ما من الذين يؤمنون بالقصص الجميلة ذات النهايات المتقنة حيث يجتمع المحبين بالاخير وتسود المشاعر المرهفة كلمات تلك القصص.
كنت اراها مثالية اكثر من اللازم، لكن كنت اقرأها بغرض الاستمتاع ولا اخفيكم كنت اشعر بشعور رائع عند قراءتها وربما هذا سبب ادماني عليها.
اعلم مايدور في ذهنك الآن.. وما علاقة هذه المقدمة بمشكلتي كوني كنت اكره نفسي ؟
حسناً.. دعنا نؤجل الكلام عن ادماني على القصص الجميلة الى حين حاجتها لاحقاً في هذا المقال.
كرهي لنفسي عبارة عن الم استثنائي من بين كل الآلام الي تعرضت لها في حياتي، لكن الاهم من هذا انني استطعت التغلب عليه، تابع قراءة المقال اذا اردت الاستفادة.
البداية
قبل ان ابدأ، انا بذلت مجهود في كتابة هذا المقال واتمنى ان تضع تعليق بعد انتهائك منه.
انا يا صاحبي كنت اكره نفسي كره شديد، كان هذا (الكُرْه) متطرف ويشمل جميع النواحي شكلي، شخصيتي، حياتي، تصرفاتي وقراراتي.
انغمست في هذا السلوك الى درجة اليأس.
اصبحت مهووس بمقارنة نفسي بالآخرين، بالتأكيد كنت دائماً اخسر نتيجة هذه المقارنة.
ظلمت نفسي وسعيت في تقليد اهتمامات الآخرين وهواياتهم على حساب اهتماماتي وهواياتي التي احبها.
للاسف جعلت من نفسي اضحوكة في العديد من المواقف عندما كنت احاول ان اتصرف بطريقة لا تناسبني، مثل قصات الشعر، اللبس، طريقة الكلام والكثير الكثير.
احد محاولاتي في تغيير شكلي
اذكر في احد الايام اقنعت الحلاق في صالون الحلاقة ان يقص شعري بطريقة غريبة، لا انسى نظراته المشمئزة ومحاولاته في اقناعي انها سيئة، كان يقول ان شكلك افضل بدونها.
شكلك افضل ! .. حتى هذا اليوم لا اعلم لماذا لم اكن اعير اي اهتمام لمثل هذه الكلمات.
عدت في يوم الغد الى نفس الحلاق لكي ازيل قصة الشعر التي كنت اعتقد انها ستغير شعوري تجاه نفسي، طبعاً حدث هذا بعدما عجزت عن تحمل ضحكات الجميع.
استطيع ان اسرد قصص لا تنتهي عن محاولاتي في تغيير اشياء كثيرة تماماً مثل قصة (تسريحة الشعر)، لكن حتى لا آخذ من وقت الكثير سأكتفي بهذه فقط.
الانهيار والتوقف عن المحاولات
بينما كانت كل المحاولات في تغيير نظرتي تجاه نفسي تؤول الى الفشل، كان الاحباط يتسلل الى داخلي تدريجياً.
حتى جاء اليوم الموعود الذي انهرت فيه!
توقفت كل محاولاتي وانعزلت في غرفتي فريسة سهلة للاكتئاب، كان يداهمني في وقت الليل ويستمر حتى انام من تعب البكاء بعد طلوع الشمس.
مرت الايام حتى اختفى الاكتئاب وتوقفت عن البكاء. رائع، هل هذا مايدور في ذهنك الآن عزيزي القارئ؟
رسمياً حياتي اصبحت فراغ! حياة بلا معنى وقولي هذا غالبا لن يشعر به او يفهمه الا من عانى من الاكتئاب حتى وصل الى هذه المرحلة القاسية.
الاكتئاب يتصرف احياناً بطرق مختلفة، لذلك دائماً يقال ان الاكتئاب ليس مجرد حزن، انما يظهر احياناً على شكل برود واختفاء لجميع المشاعر الانسانية.
وهذه فعلا ما كنت امر به حينها، كانت شدَّة اضطررت ان أُكابدها لحظة بلحظة.
حسنة الانهيار الوحيدة
الحسنة الوحيدة التي حصلت عليها من هذا الانهيار، انني تجردت من كل المشاعر، وسنحت لي الفرصة ان اجرب العيش بدون شعوري بالكره تجاه نفسي تحديداً.
بعد ان وقعت في دوامة كره الذات قبل سنوات، لأول مره اجرب العيش بدون ان اكره نفسي وبدون ان اهتم لمظهري او شكلي او طريقة كلامي.
التعافي بعد الانهيار
جربت ان اكون حر من جلد الذات والكره الذي اضمره لنفسي، لكن كنت اعلم انه شعور مؤقت وسيزول عند انتهاء موجة الاكتئاب التي كنت امر بها حينها.
فعلاً بعد عدة اسابيع، بدأت اعراض الاكتئاب بالانسحاب تدريجياً وعاد كل شيء كما كان في السابق.
نعم يا صاحبي، عدت الى دوامة جلد الذات ايضاً.
مراجعة الذات
هذه المره كان الامر مختلف لاني اعرف جيداً الحرية التي سأحصل عليها لو تخلصت من كره الذات ومحاولات تقليد الآخرين.
لذا قررت ان اعود الى تلك القصص الجميلة التي تكلمت عنها في بدابة المقال والتي كنت اقرأها، لكن هذه المره لن يكون هدفي الاستمتاع فقط بل استنباط الفوائد ومحاولة تطبيقها على ارض الواقع.
نوعية القصص التي كنت اهتم بها واقرأها كانت غالباً تتحدث عن الثقة بالنفس وحب الذات، اعتقد لان هذا ماكنت افتقده.
بدأت فعلياً بحملة مراجعة للذات واعادة النظر في حياتي ومقارنتها بالقصص التي كنت اقرأها، وايجاد نقاط الضعف عندي وتدعيمها.
ماذا استفدت من القصص التي كنت اقرأها ؟
تعرفت من هذه القصص على سبب شعور الكره تجاه ذاتي، المبهر ان معرفتي بالسبب كانت كافيه للقضاء على مشكلتي.
لا اريد ان اجعل الامر يبدو وكأنه سهل جداً، لذا دعنا نقول ان معرفتي بالسبب كانت هي اول الطريق تجاه حل المشكلة.
بعد ذلك تحتاج للمزيد من التفكر والنظر في حياتك ومحاولة تحليلها حتى تصل الى مواطن الخلل، ثم تبدأ بالتصحيح، وقد يستغرق ذلك وقت يختلف من شخص لآخر.
لكن الوصول للحرية من كره النفس وجلد الذات يستحق كل التعب والوقت الذي تضعه فيه.
لتتعرف على السبب اقرأ الفقرة التالية بتمعن.
السبب الذي جعلني اكره نفسي كل هذه المدة
دعني ابدأ بمثال حتى تتضح الفكرة ارجو ان تقرأ المثال جيداً:
تخيل لو اتينا بطفل صغير لا يعرف اي شيء ووضعناه في بيت منعزل عن العالم الخارجي، وقلنا له لا تفتح النوافذ لان الهواء الخارجي سام.
برأيك ما الذي سيحدث ؟
سوف يعتريه الفضول في البداية، لكن اذا اجتاز مدة معينة من الزمن بدون ان يفتح النوافذ غالباً لن يفتحها ابداً وسيكون من الصعب اقناعه انها هذا الكلام غير صحيح، وسيقصي عمره بدون ان يعرف ما يوجد خلف هذه النوافذ.
اذا فهمت هذا المثال جيداً، اكمل معي حتى يتضح لك كل شيء.
يا صاحبي قصتي مع كره الذات مشابهة لقصة الطفل في المثال، مع اختلاف الظروف.
في لحظة معينة من الزمن عندما كنت طفلاً، قال لي احدهم اني قبيح الشكل، وقال لي شخص آخر ان طريقتي في الكلام سيئة، وآخر قال لي ان مظهري مضحك.
مثلما حدث للطفل في ذلك البيت ذو النوافذ المغلقه، بدأت بالفضول اذا ما كان كلامهم عن شكلي ومظهري وطريقة كلامي صحيح او لا.
اجتاز الطفل مدة معينة من الوقت بدون فتح النوافذ وانتهى به المطاف بتصديق ماقيل له عن فتح النوافذ، ايضاً انا قضيت وقت كافي بدون ان ارفض كلامهم عني حتى صدقت كل شيء.
صار من الصعب اقناع الطفل ان العالم الخارجي رائع، كما اني ايضاً وقعت في نفس الفخ وصارت مهمتي اصعب في اقناع نفسي بعكس ما قيل عني وعن شكلي.
عزيزي القارئ: هل تشعر الآن ان هذا الكلام فعلاً قد يكون صحيح، لكن لاتعلم من قد يفعل هذا بك ويقول لك هذا الكلام عندما كنت طفلا.
غالباً الاهل والاصدقاء والمعلمين في المدرسة، دعنا نقول كل من اختلطت بهم في صغرك متهمين في ما حدث لك.
هذا يحدث بشكل تلقائي ولا يمكن منعه، لكن افتقادك للحب في صغرك، افتقادك لشخص يُشعرك بأنك انسان طبيعي عندما تسمع مثل هذه الكلمات الجارحة كان شيء اساسي.
وجود شخص يكون لك سند ومرشد في هذي الحياة ضد هذه الاساءات كان ضروري في صغرك، غياب هذا الشخص هو سبب وقوعك في هذي المعاناة. (غالباً هذا دور الوالدين للأسف)
الآن بعدما عرفنا السبب، ما الحل ؟
كيف تخلصت من كره الذات ؟
بدأت هذه المشكلة بسبب كلام سمعته وصدقته في صغري، بالتالي حلها بإنكار كل ما صدقته عن نفسي.
كنت اجلس بشكل مطول يومياً واحاول التذكر لماذا اعتقد كذا او كذا، او من اين جاءت هذه الافكار تحديداً.
لماذا اكره شكلي ؟ لماذا اكره مظهري؟ لماذا اكره صوتي؟
كل هذه الاسئلة وغيرها الكثير قمت بتتبعها وايجاد مصدرها ومن اين اتت ولماذا اعتقد انها صحيحه.
وجدت ان اغلب هذا الاعتقادات تلقيتها من اشخاص تافهين و ناقصين ولديهم الكثير من العيوب وليسو مؤهلين ان يحكموا علي.
مجرد معرفتي بأن من حكم علي بأني قبيح هو ايضاً قبيح، يجعل كل الافكار السيئة التي كنت احملها تجاه شكلي تتلاشى.
الخاتمة والخلاصة
الكثير من الكلام الكلام اردت كتابته في هذا المقال، لكن اعتقد ان الفكرة بشكل عام وصلت.
الاهم من ذلك ان تؤمن انه لا يوجد ماهو حسن او قبيح، سواء في الشكل او المظهر العام او طريقة الكلام او اي يكن الشيء الذي تكره نفسك لأجله.
ثق دائماً ان هناك من يجدك رائعاً ويتمنى ان يكون لديه ماعندك.
لا تنسى التعليق بالاسفل
وهذا هو دور الوالدين فعلا !
ردحذفشكرا لك على هذه المقالات الممتازة
أعدت لي شغف الكتابة !
شكرا البتول على تعليقك..
حذفبانتظار عودتك للكتابه،، سجليني عندك من ضمن المهتمين بقراءة ماتكتبين ولاتنسين تبلغيني اذا نشرتي اي مقال.