ضعف تقديري لذاتي جعلني احس اني ضايع بالحياة!

احس اني ضايع في حياتي

ضعف تقديري لذاتي جعلني احس اني ضايع بالحياة!

 في نقطة زمنية معينة في حياتي حدث شرخ! اذكر هذيك اللحظة كأنها صارت قبل لحظات، عندما فقدت اهتمامي باللعبة العزيزة على قلبي "البلايستيشن". توالت الاحداث حتى وصلت الى مرحلة بديت احس اني ضايع في حياتي!

ما كنت اعرف وين مكان هذا الشرخ؟ او وش سببه؟ او من وين جاء؟، اللي اعرفه انه حدث فقط.

طال بحثي في هذي التساؤولات، وعندما عجزت عن ايجاد اجابة شعرت بالقلق. وحتى لا يطول قلقي افترضت اني كبرت وعقلت! "ما احتاج العب بلايستيشن لاني كبرت وصرت عاقل"

بدون لا انتبه، اتسع هذا الشرخ وصار يبتلع هواياتي واحدة تلو الاخرى. حتى اصبح بقعة فراغ ضخمة ترتع في وجودي وتنتزع اغلى ما أملك واغلى ما يملك كل انسان يتنفس على وجه الحياة "الهوايات".

 في البداية ما كنت اعرف ان هواياتي المفقودة هي سبب اني احس اني ضايع بالحياة. مفهوم الحياة عندي كان سطحي جداً:

بداية --> طفولة --> دراسة --> وظيفة --> زواج --> اولاد --> احفاد --> شيخوخة --> نهاية

نتيجة هذا المفهوم السطحي، هي اني ابتعدت كثير حل مشكلتي، وساءت حياتي وتعقدت اكثر!

ما كنت اعرف ان احد اهم العوامل الي تربط بين هذي المراحل وتعطيها اهمية وتحافظ على تسلسلها وتضمن حصولها، هي الاهتمامات والهوايات.

مرت سنه ثم سنوات وانا من حال الى اردى، الى ان جاءت اللحظة الي مسكت فيها طرف الخيط وادركت فيها خطأي كل الفترة الماضية، واكتشفت ان ضعف تقديري لذاتي هو البذرة الفاسدة الي ابتدأ منها هذا الشرخ الي تحول لاحقاً الى فراغ هائل دمر حياتي!

كنت واقف الصبح انتظر طلبي يخلص في احد المطاعم، كنت عميل مخلص لهذا المطعم منذ فترة طويلة لدرجة ما اتذكر اني شفت كثر هالعدد من طلاب المدارس المتراكمين فوق بعضهم البعض ينتظرون طلباتهم تنتهي.

استغربت من كثرتهم، ثم تذكرت انها فترة اختبارات، وارتحت لاني عرفت السبب او يمكن ارتحت لان طلبي ما راح يتأخر مثل هذي المره بعد ماتنتهي اختباراتهم.

بينما كنت واقف اتأملهم، لقيت نفسي افكر بجدولهم اليومي في فترة الاختبارات: اختبار، ثم مطعم (فطور)، ثم بلايستيشن حتى الظهر، ثم غفوة تنشيطية، ثم مذاكرة، ثم _

لحظة! 

هذا الجدول مألوف عندي! 

الآن انقطعت فترة تأملي بالطلاب وحياتهم، وصرت مشغول بهذا الجدول الي اظن اني اعرفه.

من يصدق؟! كان جدولي انا في فترات الاختبارات من زمان! 

اخذت نفس عميق على ذكرى هذيك الايام الجميلة. فجأة حسيت بشعور غريب، او شعور جميل، الاكيد انه شعور قديييم جداً.

نفس الشعور الي كان يصحيني الصبح بدري ويسحبني للبلايستيشن، او يسهرني الليل عليه. هو ايضاً نفس الشعور الي كانت ترقص له كل خلايا عقلي وجمسي طرب ونشوه مع كل ضغطة زر في يد البلايستيشن.

رجعت للبيت مع فطوري -الي صرت ما اشتهيه- مصدوم من الي صار: "معقوله ما زلت احب العب على البلايستيشن؟".  كنت متأكد اني "كبرت" و "عقلت" وعلاقتي معه انتهت، لكن الشعور الي غمرني في المطعم من وين جاء؟

من بعدها صارت الافكار تسحب الافكار، والذكريات تسحب الذكريات. حتى تذكرت شيء هامشي وغير واضح: قبل اترك اللعب على البلايستيشن كان فيه صوت دائماً يلح علي ويقول: "انت تضيع وقتك باللعب وتارك الاشياء الاهم".

كنت مراهق صغير ولا عندي ادنى مهارات النقد عشان اسأل هذا الصوت: "وش هذي الاشياء الاهم الي انا تاركها؟ ومن قرر انها اهم؟"

كنت مراهق صغير وجاهل لدرجة اني تنازلت بسهولة عن هوايتي، ثم تنازلت بعدها عن باقي هواياتي! الآن بعد ما كبرت عرفت اني تنازلت عنها عشان اصل للوهم الي اسمه "اشياء أهم".

مع اهمية كل ما توصلت له من ادراك الى هذي اللحظة الا اني ما وصلت الى نهاية الخيط. ما كنت ادري ان نهاية الخيط راح اكتشف احد اسباب تعاستي في الحياة.

بما اني عرفت اني تركت هواياتي لاني سمعت الصوت يقول لي عن الاشياء الاهم، صار عندي فضول اعرف: من وين ينبع هذا الصوت؟

في الجانب الآخر من حياتي كان ضعف تقديري لذاتي بارز وناصع في اسوأ اشكاله!

مثلاً: مستحيل ادخل اول واحد في مبنى وخلفي شخص واحد او مجموعة اشخاص، اتركهم يدخلون قبلي ثم ادخل انا.

مثلاً: اذا كنت انتظر دوري عند الحلاق ودخل شخص بعدي، اتركه يحلق قبلي.

مثلاً: اترك غيري يبدأ بالكلام واستمع له حتى وانا اعرف انه بعد ما يخلص كلامه راح يروح، واحبس كلامي الي انا متحمس ودي اقوله.

مثلاَ: دائماً انا اكون صاحب القطعة الناقصة، عشان تعرف وش اقصد تخيل معي انك جالس مع اصحابك الخمسة وطلبتوا من المطعم 5 وجبات، لكن لما جاء الطلب اكتشفتوا ان المطعم بالخطأ ارسل 4 وجبات. اتوقع واضح الآن اني انا الي دايم اعتبر ان المطعم نسى وجبتي وارفض اترك غيري يجلس بدون وجبه.

مثلاً: في اي نقاش، اعتبر الكلام الي يقوله الطرف الآخر صح وانا خطأ، مهما كنت متأكد من صحة كلامي.

هذي التصرفات قد يفسرها الكثير على انها نوع من الاحترام والذوق والخلق العالي وانا اتفهم هالشيء، لكن اذا كنت تبالغ وتلتزم فيها بكل الاوقات فهذا خطأ.

تعرف انك على خطأ، اذا لاحظت انك مراراً وتكراراً تحسن تصرفاتك تجاه الناس بدون ما تسمح لأي احد يتعامل معك بنفس الطريقة.

لكن ليش اتصرف بذوق واخلاق عاليه واحترم الناس، لكن ما اسمح لهم يتصرفون معي بنفس الطريقة؟

لان عندي اعتقاد دفين بداخلي اني اقل قدر من الناس، لذا ما استحق معاملتهم المحترمة وذوقهم واخلاقهم، ولأنهم اكبر قدر مني انا اللي لازم احترمهم واقدرهم واتصرف معهم بذوق واخلاق.

مع الوقت بديت الاحظ العلاقة بين ضعف تقديري لذاتي وبين الصوت الي كان يلح علي ويقول لي: "انت تضيع وقتك باللعب وتارك الاشياء الاهم"، حتى وصلت لمرحلة تأكدت فيها ان الصوت ينبع من ضعف تقديري لذاتي.

ما كنت ارضى على نفسي اذا صرت العب بلايستيشن وانا اعرف ان اصحابي طالعين يلعبون كورة.

ماكنت ارتاح اني اجلس ارسم، اذا الناس الي حولي ما يحبون الرسم! 

ما كنت اسمع للفنان الي احب اسمع صوته لأن الناس قالوا ان صوته نشاز.

نسيت نفسي بين الناس وصرت اطرد خلفهم، صرت ما اشوف نفسي الا من خلالهم.

تعبت وانا ابحث عن حياة مقنعة ولها معنى وانا ضايع بين رغبات غيري والاشياء الي يحبونها. بدون ما اشعر تركتهم يقررون الاشياء الي انا احب بدالي.

فقدت الثقه في نفسي الى درجة اني صرت اتأكد مليون مره ان اي شيء اسويه يتوافق مع الناس، واتجاهل شعوري انا تجاه هالشيء.

قضيت اغلب عمري عايش على هالحال، اتجاهل واكتم مشاعري ورغباتي حتى نسيت انها موجودة وانطلقت اركض خلف الناس ادور الرضا والقناعةوالحياة الكريمة بين تفاصيل حياتهم.

ما لقيت الي انا احتاجه عند الناس، وفي نفس الوقت انقطع احساسي الداخلي الي مفروض يرشدني، بسبب تجاهلي الطويل له. هذا هو الضياع الحقيقي!

الي يعتقد اني ابالغ عشان لعبة بلايستيشن! مايدري ان الموضوع يتطور الى اشياء اكبر وقرارات مصيريه مثل تخصص الجامعة، الوظيفة، الزواج..

حالة صعبة خلتني احس اني ضايع بالحياة.

"وش هذي الاشياء الاهم الي انا تاركها؟ ومن قرر انها اهم؟"، اجابات هذي الاسألة الي كنت المفروض اوجهها للصوت الي قال لي: "انت تضيع وقتك باللعب وتارك الاشياء الاهم". اكدت لي بشكل قاطع ان هذا الصوت ينبع من ضعف تقديري لذاتي.

الاشياء الاهم الي انا تاركها هي الاشياء الي يسوونها الناس، والي قرر انها اهم هم الناس، لاني انا عطيتهم الصلاحية!

بعد رحلة طويلة من التأمل والتفكير اكتشفت ان ضعف تقديري لذاتي جعلني احس اني ضايع بالحياة. 

حالياً انا في رحلة لتعزيز تقديري لذاتي، احاول اعكس الضرر الي سببته لنفسي. (اكتب لي في الردود اذا كنت تبغى اكتب مقال اوضح فيه خطتي لزيادى تقديري لنفسي)

اذا كنت تشعر انك ضايع في الحياة، احتمال كبير ان تكون هذي مشكلتك.

اتنمى اعجبكم المقال واستفدتوا منه.

اكتبوا لي ردود وتعليقات من فضلكم، لانها الدافع الوحيد لي لاستمر بالكتابة.


التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

مكتئب آخر

2016